)يا أرض ابلعي ماءك(
مقاربة بلاغية
أحمد قادم
كلية اللغة العربية- مراكـش
بسم الله الرحمن الرحيم:)وقيل يا أرض ابلعي ماءك،
ويا سماء أقلعي، وغيض الماء، وقضي الأمر، واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين([1].
تمهيد:
الحمد لله رب العالمين، نزَّل على عبده الكتاب وقص
عليه من أنباء الغابرين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.
وبعد،
فقد تبارى المفسرون والبلاغيون على السواء في استخراج
مكنون هذه الآية الكريمة من صنوف البلاغة وألوان البراعة. ولم يبق منها حرف مستقل
بذاته إلا ونال نصيبه من العناية.
وأصبحت علامة بارزة في مصنفات التفسير والبلاغة، لما
حازته من مرتبة عليا في البيان حتى صارت رمزا للتحدي والإعجاز، وكثر الكلام بشأنها
حتى قيل: "لو فتش كلام العرب والعجم ماوُجد فيه مثل هذه الآية على حسن نظمها
وبلاغة رصفها واشتمال المعاني فيها"[2].
وروي أنها جعلت من تحدوا بها يذعنون لقوة فصاحة ما
ينزل من القرآن بالمقارنة مع المعلقات.[3]
ويحكى ان ابن المقفع عارض القرآن، فلما بلغ اليها
قال: "هذه الفصاحة التي لا تبارى، والبلاغة التي لايسابق المتكلم بها
ولايجارى والقول الفصل الذي لا يتختلف فيه ولايمارى"[4].
وسمع أحد الاعراب هذه الآية فقال: "هذا كلام
القادرين"[5]
واشتهر لدى الدارسين قول الزمخشري: "استفصح علماء البيان هذه الآية ورقصوا
لها رؤوسهم"[6]. وهي إشارة منه إلى ما حازته هذه الآية من
أفانين المعاني والبيان والبديع، وطوقته في حيز لا يتعدى بضع كلمات.
وقد قسمت دراستي إلى ثلاثة محاور رئيسة هي على
التوالي:
I- التطبيق البلاغي وسؤال الاعجاز.
II- التنظير البلاغي وسلطة البديع والمجاز.
III- القصص القرآني وفعالية الإيجاز.
I- التطبيق البلاغي وسؤال الاعجاز:
لم يكن هم المفسرين الذين تناولوا هذه الآية أن
يقعدوا القواعد البلاغية، بقدر ما كان سعيهم إلى إثبات الاعجاز القرآني بوساطة
البلاغة، باعتبارها وسيلة لتحليل الخطاب القرآني.
ولا غرو، فقد وجدنا كل التفاسير التي وقفنا عليها
تعمل على إثبات عظمة الخالق وإعجاز القرآن، سواء تعلق الأمر بفعل الإغراق أم
بأسلوب الحكي القصصي ولغة التصوير.
وقد تجلت عظمته سبحانه حسب التفاسير في ثلاثة محاور
من الآية:
أ= قوله تعالى، )وقيل(: فقد جاء نداء الأرض والسماء بما ينادى به المميِّز
"على لفظ التخصيص والإقبال عليهما من بين سائر المخلوقات"[7].
ثم إنه متى قيل: )وقيل( لم ينصرف العقل إلا للخالق ولم يتوجه فكر الإنسان
إلا إليه، فقد تقرر في العقول أن الحكم له وحده.[8] وبناء
الفعل للمجهول إبهاما للقائل إنما كان إعظاما لأمره.[9]
ب= قوله تعالى )يا أرض ابلعي ماءك ويا
سماء أقلعي(والبلع هنا بمعنى :
النشف، والإقلاع: الإمساك. والأمر والنهي لهذه الأجرام دال على الاقتدار. وهي
منقادة غير ممتنعة، كأنها كائنات حية عاقلة مميزة قد عرفت عظمته وجلاله فنفذت
الأمر فورا وحتما وجزما. وقد جاء في الجامع لأحكام القرآن أن ابن الاعرابي قال:
"التقى الماءان على أمر قدّْر، ما كان في الأرض وما نزل من السماء. فأمر الله
ما نزل من السماء بالإقلاع، فلم تمتص الأرض منه قطرا، وأمر الأرض بابتلاع ما خرج
منها فقط".[10]
والمعنى بحسب التفسير ان الأرض اختصت بما خرج منها
بدليل توظيف "الكاف" في )ماءك(، وتوجيه النداء للسماء وأمرها بالاقلاع. وسار ابن
الجزري على المنوال نفسه عندما جعل إضافة الماء إلى الأرض دليلا على الفصل بين
ماءين تضافرا في الطوفان: ما نبع وما هطل. وأن الأرض أمرت فابتلعت ماءها دون غيره
بالرغم من امتزاجهما. وهو دليل على عظمة الخالق.[11]
ج= إن السماء والأرض من الجمادات. وقوله تعالى : )يا أرض...
ويا سماء(... يشعر أن تكليفه نافذ في الجمادات[12].
ويا سماء(... يشعر أن تكليفه نافذ في الجمادات[12].
والحقيقة أن هذه الفكرة الأخيرة: أي مخاطبة الجماد
وأمره طرحت إشكالات لدى المفسرين، وراح كل واحد منهم يبحث في التراكيب ويعرضها على
قواعد النحو والبلاغة بحثا عن سبيل يؤمِّن الخلوص إلى المعاني، دون الجناية على
المقصد العام، ويؤمن العناية بظاهر اللفظ دون السقوط في شرك التناقض بين المنطوق
والمفهوم.
وقد وقفنا على رأيين متناقضين في فهم صيغتي النداء
والأمر في الآية الكريمة. وكان مرد التناقض إلى طبيعة التوجه العقدي لكل مفسر.
فالزمخشري أقر أن النداء والأمر للأرض والسماء على
غرار ما يُنادى به العاقل، إنما كان إقبالا صريحا عليهما بالخطاب، وذلك لأجل إبراز
عظمة الخالق. وقد اختصت الأرض والسماء بالنداء والأمر من بين سائر المخلوقات.[13]
وأورد صاحب البحر المحيط هذا الرأي دون تعليق، بل على سبيل التأكيد والاستشهاد.[14]
واعتبر ابن الجزري أمر الله للأرض والسماء حقيقيا،
بدليل الامتثال وتحقق الفعلين: "ابلعي" و"أقلعي". والمعنى
المتحصل من هذه العبارات أساسه البلاغة التي تأبى صرف اللفظ عن ظاهره وتعيين مجاز
له إلا بتوافر أربع مقدمات هي:
1 - بيان امتناع إرادة الحقيقة.
2 – بيان صلاحية اللفظ للمعنى المعين.
3- بيان المجمل إن كان له عدة مجازات.
4- الجواب على الدليل الموجب للحقيقة[15].
ومن ادعى صرف اللفظ عن ظاهره ولم يعتبر له محملا لزمه أمران:
1- بيان الدليل على امتناع إرادة الظاهر.
2- جوابه عن المعارض15.
وخلص إلى أن من احتج بحمل الآية على المجاز بدليل أن
الأرض والسماء من الجمادات، وأن الجماد لا يتوجه إليه بالخطاب والأمر لغياب العقل
إنما هو غلط ظاهر[16].
أما الفريق الثاني من المفسرين فإنه يرى ضرورة
الاستفادة من البلاغة للأخذ بمجاز القول في الآية الكريمة، دون ان يعني ذلك تعارضا
مع الحقيقة، وذلك لاعتبارات منطقية وبلاغية:
أ-
الاعتبار المنطقي: ويؤول
إلى أن ظاهر الخطاب موجه إلى الجمادات قي قوله تعالى: )يا أرض ابلعي... ويا سماء
اقلعي( والأخذ بها على هذا النحو يتنافى مع طبيعة الاشياء.
فالرازي ينفي ان يكون الحق سبحانه آمرا للجماد، كما
دلت على ذلك الصيغة الظاهرة في )ابلعي( و )اقلعي(. وإنما دل القول على ان "توجيه صيغة اللأمر
بحسب الظاهر على هذه الجمادات القوية الشديدة، يقرر في الوهم نوع عظمته وجلاله
تقريرا كاملا"[17].
ونفهم من كلامه، ّأن الأمر والنداء نافذان على
العقلاء المميزين، وأنه تم توجيه الخطاب للعاقل بأسلوب خارج عن مقتضى الظاهر، خوطب
فيه الجماد وأمر، وكان القصد إلى تقرير عظمة الخالق تقريرا كاملا في الأذهان
بتقرير لازم آخر هو أمر المخلوقات الأكثر
شدة، واستجابتها الفورية على جهة المجاز. ولكي يقطع الطريق أمام كل تأويل خاطئ
لكلامه أكد الرازي أن صيغتي: )يا أرض ابلعي( و)يا سماء اقلعي( لا ينبغي ان يفهم منها "أنه تعالى يأمر
الجمادات، فإن ذلك باطل[18]".
ب- الاعتبار البلاغي:
ودعامته أن الحمولة المعنوية للتشبيه والاستعارة في
الآية الكريمة أكبر من أن تنحصر في الدلالة على ظاهر اللفظ. وهو أمر عمل صاحب
الطراز على إثباته لما حقق موقع الآية من البيان، وفهم الخطاب على جهة التشبيه،
لما جعل الجماد بمنزلة من عقل الأمر وفهم عظم الاستيلاء[19].
فالتشبيه حاصل في الآية بين الجماد والانسان، بأن
نودي الجماد وأمر كما ينادى العاقل ويؤمر، فشبه به لتنزيله منزلة العاقل.
أما الاستعارة ففي نداء الأرض والسماء. فقد استعير
النداء لشيء
لا ينادى. وكذلك الشأن في )ابلعي(. الذي أطلق وأريد به غور الماء في الأرض[20].
لا ينادى. وكذلك الشأن في )ابلعي(. الذي أطلق وأريد به غور الماء في الأرض[20].
والحديث عن التشبيه والاستعارة إنما كان لأجل ابراز
وجه من وجوه الاعجاز القرآني لدى صاحب الطراز. وتأكيدا للخلاصة التي انتهى إليها
الرازي في كون النداء والأمر صورة من صور مجازية التعبير، وليس حقيقة تراد من وراء
ظاهر اللغة الموظفة، أي: إن الجماد لا ينادى ولا يؤمر في الحقيقة، بل هي دعوة إلى
التأمل تستهدف العاقل وتدعوه إلى التدبر في عظمة الخالق وكبريائه وجبروته بأسلوب
معجز.
ويدعم هذا الفهم حديث العلوي عن البعد المعنوي والبعد
الحسي في النداء. وكذلك ربط الكلام بالمقام في الآية الكريمة فهو يرى أن اختيار
الحق سبحانه للأداة: (يَا) من بين سائر أحرف النداء إنما كان للدلالة على بعد
المنادى. فهي تستعمل لنداء البعيد. والبعد هنا معنوي "لأن البعد الحسي محال
على الله"[21].
أما قوله )يا أرض(. بدلا من : يا أرضي فهو إيثار لتحقيرها. لأنه لو
أضافها إلى نفسه لكان أقام لها وزنا21. وكذلك الشأن في إفراد الماء.
لأن الجمع لا يليق بمقام الكبرياء. والإفراد لائق بمقام القهر والاستيلاء21.
ولذلك قال الحق )ماءك(ولو يقل: مياهك ثم إن ذكر
المفعول في: )ماءك( كان لغاية محددة. إذ لو اقتصر القاهر على البلع لدخل
فيه ما ليس مرادا من بلع الجبال والاشجار والبحار والسفينة ومن فيها[22].
وقد قدم الحق سبحانه النداء على الأمر ولم يقل: ابلعي
يا أرض وأقلعي يا سماء، لأمرين:
1- المبالغة في تحصيل المراد من الأمر بعد النداء.
2- التنبيه قصد الامتثال[23].
وكلها حجج بلاغية تزكي مجازية اللغة في الآية من حيث
تقريب واقعة الطوفان من الأذهان، وتقرير عظمة الخالق وترسيخها في العقول بترسيخ
امتثال أشد وأقوى الأجرام.
وقد سار القرطبي على النهج نفسه عندما علق على نداء
الارض والسماء وأمرهما بالابلاع والإقلاع قائلا: "هذا مجاز لأنها موات"[24]
والمعنى أن الارض والسماء لا تنادى ولا تؤمر، وينبغي البحث عن الدلالة في غير ظاهر
اللفظ.
وصفوة القول إن المفسرين اعتمدوا البلاغة لتبيان
اعجاز القرآن في هذه الآية. واستندوا إليها في حجاجهم للأخذ بظاهر اللفظ أو
الاعتراض عليه بالمجاز.
II - التنظير البلاغي وسلطة البديع والمجاز:
لقد تقرر لدى الدارسين أن البلاغة مراتب. وان الأقوال
تتفاوت ويفضل بعضها بعضا حتى تصير إلى مرتبة تسوى فيها الاقدام في العجز. وقد
اعتدنا ان نرى الشواهد البلاغية موظفة للاستدلال على ظاهرة من الظواهر دون أن تتجاوز
صلاحيتها – في أغلب الاحيان – ذلك الموقع وتلك الظاهرة.
لكن قوله تعالى : )يا أرض ابلعي ماءك ويا
سماء أقلعي( حاز مرتبة عليا في البيان واجتمع فيه ما تفرق في
غيره.
وقد تتبعت هذه الآية في تنظيرات البلاغيين وبنائهم
للأنساق البلاغية، فوجدتها أسًّا من أساسات البناء في النظم والمعاني والبيان
والبديع.
أ - النظم: معرض للفظ ووعاء
للبلاغة:
جاء في الدلائل: "وهل تشك إذا فكرت في قوله
تعالى: )وقيل يا أرض ابلعي ماءك
ويا سماء أقلعي، وغيض الماء، وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم
الظالمين(. فتجلى لك منها الاعجاز، وبهرك الذي ترى وتسمع، أنك
لم تجد ما وجدت من المزية الظاهرة، والفضيلة القاهرة، إلا لأمر يرجع إلى ارتباط
هذه الكلم بعضها ببعض، وأن لم يعرض لها الحسن والشرف إلا من حيث لاقت الأولى
بالثانية، والثالثة بالرابعة وهكذا إلى أن تستقر إلى آخرها، وأن الفضل تناتج ما
بينها وحصل من مجموعها؟.[25]
لقد عمل الجرجاني على دمج العناصر البلاغية المكونة
للآية في عنصر جامع هو "النظم"، فزاوج بين النظرية والتطبيق. ولم يقف
عند اللفظ مفردا، ولم يركن إلى المعاني المستقاة من العبارة بل نظر إليها في
شموليتها. وطرح السؤال الجوهري في النظم عن سر الإعجاز، ومكمن الإبهار الاسلوبي
ومنبع المزية والفضيلة. وهو بهذه الصفة لا يرى مزية للفظ ولا المعنى مفردين في غير
السياق الذي يرد فيه اللفظ.
وطالب من يرى خلاف ذلك أن يستخرج لفظة من الآية
ويعزلها عن أخواتها، ثم لينظر هل يمكنها أن تؤدي في المعنى ما تؤديه وأن تنال من
الفصاحة ما ينسب اليها.[26]
لاشك أن النتيجة ستكون بخلاف ذلك.
"فالبلاغة" و"الفصاحة" و"البيان"، وكل ما يعبر به
عن فضل بعض القائلين على بعض، إنما مرده إلى اتيان "المعنى من الجهة التي هي
أصح لتأديته"[27]،
واختيار اللفظ الذي هو أخص به"[28]، وأحرى
بأن يمنحه خلابة وحسنا.
ولا سبيل إلى إفادة الألفاظ معنى من المعاني وتسلقها
مدارج الرفعة والسمو البلاغي إلا بضم كلمة إلى كلمة وبناء لفظة على لفظة"،[29]
ولايمكن أن يتفاضل الكلم إلا بالنظر إلى مواقع الألفاظ من التأليف والنظم.
وقد حازت الآية موضوع الدرس مرتبة لا تجارى في
البيان. وكان مرد المزية فيها بحسب الجرجاني "أن نوديت الأرض ثم امرت ثم أن
كان النداء "بيا" دون "أي" نحو: أيتها الأرض ثم إضافة الماء
إلى الكاف دون أن يقال "ابلعي الماء" ثم أن أتبع نداء الأرض وامرها بما
هو شأنها، نداء السماء وأمرها كذلك بما يخصها، ثم ان قيل: "وغيض الماء ، فجاء
الفعل على صيغة "فُعِلَ" الدالة على أنه لم يغض إلا بأمر آمر وقدرة قادر
ثم تأكيد ذلك وتقريره بقوله تعالى: "وقضي الأمر" ثم ذكر فائدة هذه
الأمور وهو :"استوت على الجودي"، ثم إضمار السفينة قبل الذكر، كما هو
شرط الفخامة والدلالة على عظم الشأن، ثم مقابلة "قيل" في الخاتمة
"بقيل" في الفاتحة"[30].
لقد جئنا بهذا النص على الرغم من طوله لأنه ملخص
لمجموع رأي الجرجاني في نظم آي القرآن الكريم باستعراض نموذج باهر.
وكان يسعى من خلال هذا التدقيق إلى الخلوص إلى نتيجة
واحدة مفادها ان النظم هو بؤرة المزايا البلاغية الاخرى التي تطلق ويراد بها اللفظ
من بلاغة وفصاحة وبراعة وبيان.[31]
ب: بلاغة الآية وآية البلاغة:
لا يكاد المرء ينتهي من لطيفة من لطائف هذه الآية
الكريمة حتى تستوقفه لطائف أخرى. ولايكاد يستوعب نتائج دراسة من الدراسات حتى
نستوقفه نتائج أخرى لم تطرق ولم تتكرر. ولا عجب أن راهن عليها الدارسون لتقديم
صورة مشرقة عن الإعجاز القرآني من حيث القصص والأسلوب وصور تقديم المعنى.
فكون قصة إغراق قوم نوح حقيقة قطعية وعملا جبار تتعدد
تفاصيله، لم يحل دونها واستثمار البلاغة في أبهى صورها، بدءا بعدد الألفاظ المكونة
للنص، مرورا بطريقة التصوير وأساليب البيان ومحاسن البديع وانتهاء بترتيب الأحداث
بحسب وقوعها.
وقد استحقت الآية النوحية أن تكون بذلك آية البلاغة
بامتياز، لما اجتمع فيها من نظم وإيجاز ومجاز وتركيب وبيان وبديع وهي مجموع
المحاور التي تنافس الدارسون في استخراجها والتدليل عليها وإبراز وظائفها.
وكان للسكاكي فضل تخصيص هذه الآية بمكانة لم يحرزها
شاهد من شواهد البلاغة. وقد قال في حقها: "وإذ وقفت عل البلاغة وعثرت على الفصاحة المعنوية واللفظية، فأنا أذكر لك
عل سبيل الأنموذج آية أكشف لك فيها عن وجوه البلاغة والفصاحتين". [32]
فأما الفصاحتان فالقصد فيهما إلى:
أ – الفصاحة المعنوية: ومفادها خلو اللفظ من التعقيد
المعنوي.
ب- والفصاحة اللفظية: وهي أن تكون الكلمة أصلية
وجارية على ألسنة الفصحاء وعلى قوانين العربية.[33]
وتؤول فصاحة الآية الكريمة إلى اللفظ والمعنى معا إذ
"لا تعقيد يعثر الفكر في طلب المراد، ولا التواء يشيك الطريق إلى
المرتاد".[34]
فالفصاحة بذلك آيلة إلى الوضوح مع ما رافق ذلك من نظم تسابق فيه الالفاظ المعاني،
والمعاني تسابق الألفاظ.
كما أن ألفاظها جمعت بين :
- الدوران على ألسنة الفصحاء.
- والجري على قوانين اللغة.
- والبعد عن البشاعة.
- والسلاسة والحلاوة والرقة.[35]
وأما البلاغة فبلوغ "المتكلم في تأدية المعاني
حدا له اختصاص بتوفية خواص التراكيب حقها".[36] ولها
طرفان أعلى وأسفل، وبينهما مراتب.[37]
وإذا كانت البلاغة أداة للتفسير واستكناه المعاني لدى
المفسرين، فإن التفسير كان عاملا مساعدا على بناء القاعدة البلاغية لدى البلاغيين.
1- البيان وصورة تقديم المعنى:
قال السكاكي إن الله تعالى أراد من خلال هذه الآية أن
يبين المعنى الآتي: " أردنا أن نرد ما انفجر من الأرض إلى بطنها فارتد، وأن
نقطع طوفان السماء فانقطع، وأن نغيض الماء النازل من السماء فغاض، وأن نقضي أمر
نوح، وهو إنجاز ما كنا وعدنا من إغراق قومه، فقضي، وأن نسوي السفينة على الجودي
فاستوت وأبقينا الظلمة غرقي".[38]
لكن الحق سبحانه لم يقدم المعنى مبتذلا، بل أبرزه
ببناء الكلام على تشبيه المراد بالمأمور الذي لا يتأتى منه العصيان. أما المراد
فإنجاز الوعد بالطريقة المذكورة في الآية. وأما المأمور فكل العناصر المتداخلة في
انجاز الوعد نزولا عند أمر الله. وهي عناصر لا تلقي لإشارة الحق "بغير
الإمضاء والانقياد، ولا لأمره بغير الاذعان والامتثال"[39]
.
ثم إنه سبحانه بنى على تشبيه هذا نظم الكلام: فلفظة )قيل( جاءت على سبيل المجاز عن الارادة الواقع بسببها قول
القائل. والقرينة المانعة من إرادة الحقيقة هي مخاطبته للجماد في قوله: )يا أرض()ويا سماء(.[40]
ثم إنه استعار لغور الماء في الأرض لفظة
"البلع" الذي هو "إعمال الجاذبة في المطعوم للشبه بينهما وهو
الذهاب إلى مقر خفي، ثم استعار الماء للغذاء استعارة بالكناية تشبيها له بالغذاء،
لتقوى الأرض بالماء في الإنبات للزرع والاشجار تقوي الآكل بالطعام".[41]
والقرينة المانعة للحقيقة، والداعمة للمنحى الاستعاري
في القول كما شدد على ذلك السكاكي، تكمن في لفظة )ابلعي( فهي موضوعة للاستعمال في الغداء وليس في الماء. وقد
أضاف الحق سبحانه الماء إلى الأرض في قوله )ماءك( على سبيل المجاز.
ونستطيع بدورنا أن نميز بين رؤية المفسرين
والبلاغيين. فإضافة الماء للأرض جعل منه المفسرون عنوانا على اختصاص الأرض به حتى
لا تبلع غيره ووروده على صيغة الإفراد مناسب لمقام الكبرياء وإمعان في تحقير الأرض
ومائها بالمقارنة مع عظمة الخالق. اما البلاغيون وعلى رأسهم الجرجاني والسكاكي فقد
ربطوا الألفاظ بالسياق ونظروا إلى إضافة الماء للأرض باعتبارها استجابة للمقام
وترسيخا للمقصد العام من الخطاب بوساطة المجاز، أي: إن الألفاظ أدت معانيها بدقة
لأنها رتبت بالطريقة التي جاءت بها وعبرت عن حقيقة الطوفان بأسلوب المجاز.
والشيء نفسه يقال في اختيار لفظ الإقلاع للتعبير عن
احتباس المطر. فقد أمر الحق على سبيل الاستعارة في قوله )اقلعي(.[42]
ثم إنه لم يصرح في الآية بمن قال ولا من غاض أو قضى الأمر وسوى السفينة وقال
بُعدا، سلوكا في ذلك مسلك الكناية أن تلك الأمور العظام لا تصدر إلا من قادر.[43]
2- بلاغة التركيب:
نال التركيب في هذه الآية حظا وافرا من العناية. ومما
استرعى انتباه البلاغيين والمفسرين على السواء استعمال أداة النداء "يا"
دون غيرها. وقد جعل السكاكي لذلك تسويغا بلاغيا أرجع فيه الاقدام على هذه الصيغة
آيلا إلى المعنى . ذلك ان الاداة
"يا" وضعت أصلا للدلالة على بعد المنادى.
والمعنى البلاغي المراد تبليغه في الآية هو تبعيد
المنادى المؤذن بالتهاون به. ولا غرو فالمقام مقام كبرياء وجبروت يضاف إلى ذلك أن
"يا" من اكثر أدوات النداء استعمالا. وهو قول ينطبق على لفظ
"الأرض" و"السماء" الموظفين دون غيرهما من أسماء البسيطة
والافق.[44]
وقد جيء ب "ابلعي" و"اقعلي" نظرا
للتجانس الحاصل بينهما، فيما جيء بلفظة "ماءك" على صيغة الإفراد دون
الجمع انسجاما مع مقام الكبرياء. واختصت الأرض بالماء في قوله "ماءك"
احتراسا من ان تبلع سواه.
والملاحظ أن قراءة السكاكي للجانب التركيبي من الآية واستخلاص
المعاني البلاغية لم يحد عما سبق إليه المفسرون الذين لامسوا كثيرا من اللطائف
البلاغية ولم يكن همهم منها إلا الخلوص إلى معاني القرآن.
وبالرجوع إلى قراءة السكاكي للخصائص التركيبية نجد
اهتمامه قد تجاوز المفردات إلى التراكيب وعمل على ضبط الفروق بين العبارات لمؤدية
لنفس المعنى. وقدم لذلك مثالا من الآية الكريمة قدم فيه النداء على الامر: فالحق
سبحانه قال ) يا أرض ابلعي( ولم يقل ابلعي يا ارض، و) يا سماء اقلعي( وليس: اقلعي يا سماء. وذلك بتقديم التنبيه "
حتى يتمكن الأمر الوارد عقيبه في نفس النادى"[45].
ونفهم من كلامه ان الالفاظ لا تحمل قوتها
في ذاتها – وهي فكرة سبق اليها الجرجاني – وإنما بتضافرها مع بعضها بالطريقة التي
صيغت بها في القرآن الكريم. الشيء الذي يفسر التغييرات الحاصلة بمجرد تغيير مواقع
الألفاظ بالتقديم والتأخير.
3- البديع وأسئلة التحسين والتكوين:
درج
البلاغيون والمفسرون على العناية بتركيب الآية النوحية وبيانها، وجعلوا من ذلك
عنوان إعجازها وبلاغتها. وكانوا في أحسن الأحوال ينظرون في الجناس القائم بين
"ابلعي" و"اقلعي" والطباق القائم بينهما.
إلا أن ابن أبي الإصبع المصري بلغ في مباحث البديع
شأوا لم يبلغه أحد قبله، وعدد واحدا وعشرين ضربا من ضروب البديع في آية يوازي عدد
ألفظها سبع عشرة لفظة[46].
وبالرغم من كونه مهووسا بالتفريع واستنطاق النصوص لأجل الاستشهاد على المباحث
البلاغية ذات الصلة بالبديع، إلا أنه لم يُغفل الوظائف البلاغية للتعبير. فهو لا
ينظر اليه باعتباره حلية زائدة، بل مكونا مساهما في الدلالة. ولعل السبب الجوهري
في ذلك ان كثيرا من شواهده أخذت من القرآن الكريم. ولا يمكن أن ينعت اللفظ القرآني
بنعت يسلبه قيمته البنائية أو وظيفته الدلالية ويبقيه في خانة التحسين والتزيين لا
غير.
ومن ثمة فإن
دراستنا للبديع بين التحسين والتكوين من خلال التحرير والتحبير لن يكون شاملا لكل
المباحث التي طرقها ابن ابي الإصبع، ولكن تركيزنا سينصب على بعضها مما لم يطرق في
ثنايا العرض، ويضيف جديدا إلى الآية باعتبارها شاهدا بلاغيا متعدد البُنى
والخصائص، أو مما طرقه غيره دون تفصيل رغم مركزيته في القول. وسوف اقتصر على
مبحثين هما:
أ – حسن النسق.
ب – باب الإبداع.
أما حسن النسق فهو "أن تأتي الكلمات من النثر
والأبيات من الشعر متتاليات، متلاحمات تلاحما سليما"[47] ومن شواهده قوله تعالى: )قيل
يا أرض ابلعي ماءك...(والنسق باد في الآية الكريمة من خلال إتيان الجمل المكونة لها معطوفة على بعضها البعض بواو النسق على الترتيب الذي تقتضيه البلاغة. وقد ربط ابن ابن الإصبع بين الترتيب الحاصل في الآية والعناية بالغايات والمقاصد المهمة المراد تبليغها قبل غيرها.
يا أرض ابلعي ماءك...(والنسق باد في الآية الكريمة من خلال إتيان الجمل المكونة لها معطوفة على بعضها البعض بواو النسق على الترتيب الذي تقتضيه البلاغة. وقد ربط ابن ابن الإصبع بين الترتيب الحاصل في الآية والعناية بالغايات والمقاصد المهمة المراد تبليغها قبل غيرها.
فقد كان المراد إطلاق أهل السفينة من سجنهم، ولا يتهيأ
ذلك إلا بانحسار الماء عن الأرض، فلذلك كانت البداية بالأرض فأمرها بالابتلاع، ثم
علم سبحانه أن الأرض إذا ابتلعت ماءها ولم تقلع السماء تأذى بذلك أهل السفينة عند
خروجهم منها... ولذلك أمر السماء بالاقلاع بعد أمره الأرض بالابتلاع.
والملاحظ أن ابن ابي الاصبع ربط بين حسن النسق
باعتباره مطلبا بديعيا بتوالي الاحداث والحكمة من ترتيبها على الشكل الذي قصت به
في الآية، وعمل بذلك على إيجاد مسوغات لا تفصل بين جمالية التعبير والمضمون المسوغ
لطرائق تصريف المعنى.
ومن ثمة فإن حسن النسق كما حاول تقديمه امتزج فيه
تناسق العبارات لفظا ومعنى وترتيبا، وهيأ
هذا التناسق مرتبة عليا من مراتب البلاغة للآية.
وأما باب الابداع: فالمقصود به أن تتضمن الألفاظ
بديعا، وربما كان في الكلمة الواحدة المفردة ضربان فصاعدا.[48]
وعلق ابن ابي الاصبع على الآية النوحية اثناء دراسته
لهذا الباب قائلا: "ما رأيت في جميع ما استقريت من الكلام المنثور والشعر
الموزون كآية كريمة من كتاب الله تعالى: )وقيل يا أرض ابلعي ماءك(".[49] فقد
تحققت فيها المناسبة، والمطابقة، والمجاز، والاستعارة والاشارة والتمثيل والارداف
وغيرها. وقد كان محقا في ما يقول، فقد استطاع ان يدلل على جميع العناصر البديعية
التي استعرضها دون أن يكون متكلفا في ذلك.
III - القصص القرآني وفعالية الايجاز:
ليس الغرض من هذا القسم الأخير من العرض أن نقف على
مقومات القص في القرآن الكريم، لما يتطلبه ذلك من منهج خاص ومنهجية دقيقة، ولكن
الغاية ان نستحضر المقومات البلاغية التي وظفتها الآية الكريمة في تطويق الاحداث
بأقل لفظ ممكن وربط ذلك بالمقاصد من القول.
وأول مظاهر الايجاز هو حجم الآية الكريمة، وعدد
الالفاظ المكونة لها. إذ لا وجود للفظ ينبو به مكانه أو يدخل في الزوائد.حتى إن
ابن ابي الإصبع عندما رام دراسة "المساواة" في الآية ركز اهتمامه على
لفظة "القوم" في قوله تعالى: )وقيل بعدا للقوم الظالمين(، ورفض ان تكون هذه اللفظة زائدة لأن ذلك يمنع من
تحقيق "المساواة" بين اللفظ والمعنى. وقدم لذلك مسوغا استند فيه إلى
المعنى المراد تبليغه. إذ لو اقتصر الحق سبحانه على القول "وبعدا للظالمين(. لتوهم أن القصد من التعريف "بأل"
في"الظالمين" للجنس. وهو خلاف المراد. والمراد هو قوم نوح. ولا يحصل
التخصيص الا بذكر "القوم"[50]
وإذا كان الايجاز هو التعبير عن الغرض بأقل كلام ممكن
وهو عكس الاطناب، وتتوسطها المساواة، فإن نقص الكلام مع الخلل يعد تقصيرا.
وقد تحقق الايجاز بضربيه في الآية: ايجاز القصر
وايجاز الحدف.
أ – إيجاز القصر: إذ تم التعبير عن المعنى الكثير
باللفظ القليل. وقد سود المفسرون والبلاغيون صفحات عدة دون الوقوف على كامل المعنى
المراد تبليغه.
ب – إيجاز الحذف: وكاد كل لفظ من ألفاظ الآية الكريمة
يستدعي محذوفا. فقد اختصر الكلام في قوله "ابلعي" و"اقلعي"
بعد ان تبين المراد احتراسا من الحشو.
وهو الوجه في ان لم يقل: قيل يا ارض ابلعي ماءك فبلعت
ماءها، وقيل يا سماء اقلعي عن ارسال الماء إلى الأرض فأقلعت
عن ارسال الماء إلى الأرض.
وكذلك الشأن في قوله تعالى )وغيض الماء( ولم يقل ماء طوفان السماء. وكذلك في قوله )وقضي الامر( وليس وقضي أمر نوح بانجاز
ما وعده الله من هلاك قومه[51] أو هلك من هلك ونجا من نجا.[52]
ما وعده الله من هلاك قومه[51] أو هلك من هلك ونجا من نجا.[52]
وصفوة القول ان هذه الآية الكريمة جمعت من فنون
البلاغة ما يبعث على الدهشة والاعجاز. ونالت مرتبة عليا في الفصاحة والبيان، وشكلت
وعاء لا ينضب في استشهادات البلاغيين والمفسرين، وكانت جوابا على كثير من الاسئلة
المحيرة في البيان والمعاني والبديع من الناحية العملية.
سبحانك اللهم وبحمدك اشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك
وأتوب إليك.
المصادر والمراجع
1-
القرآن الكريم
2-
ابن ابي الإصبع المصري:
- بديع القرآن ، تحقيق، حنفي محمد شرف، نهضة مصر للطباعة.
- تحرير التحبير، تحقيق حنفي محمد شرف. (د- ت ط ).
- بديع القرآن ، تحقيق، حنفي محمد شرف، نهضة مصر للطباعة.
- تحرير التحبير، تحقيق حنفي محمد شرف. (د- ت ط ).
3-
الاسبيري:
- الرسالة الجودية في الآية النوحية، ضمن رسائل الفقه واللغة، تحقيق عبد الرؤوف الجبوري، دار الغرب الاسلامي، بيروت، ط I، 1982
- الرسالة الجودية في الآية النوحية، ضمن رسائل الفقه واللغة، تحقيق عبد الرؤوف الجبوري، دار الغرب الاسلامي، بيروت، ط I، 1982
4-
أبو حيان (الاندلسي):
البحر المحيط، ج5، مكتبة النصر الحديثة، الرياض (د.ت)
البحر المحيط، ج5، مكتبة النصر الحديثة، الرياض (د.ت)
5-
الجرجاني (عبد القاهر):
دلائل الاعجاز، تحقيق، محمود محمد شاكر، مطبعة المدني، ط 1، 1989.
دلائل الاعجاز، تحقيق، محمود محمد شاكر، مطبعة المدني، ط 1، 1989.
6-
ابن الجزري:
كفاية الألمعي في آية يا أرض ابلعي
كفاية الألمعي في آية يا أرض ابلعي
7-
الزمخشري:
الكشاف، ج II، دار الكتب العلمية، تحقيق، محمد عبد السلام شاهين، بيروت (د.ت).
الكشاف، ج II، دار الكتب العلمية، تحقيق، محمد عبد السلام شاهين، بيروت (د.ت).
8-
ابن النقيب (جمال الدين):
مقدمة تفسير ابن النقيب، تحقيق، زكري سعيد علي، ط 1 ، القاهرة، 1995.
مقدمة تفسير ابن النقيب، تحقيق، زكري سعيد علي، ط 1 ، القاهرة، 1995.
9-
ابن عاشور (الطاهر):
التحرير والتنوير، ج 10، الدار التونسية للنشر.
التحرير والتنوير، ج 10، الدار التونسية للنشر.
10-
العلوي (يحي بن حمزة):
الطراز، مراجعة عبد السلام شاهين، دار الكتب العلمية، بيروت، 1995.
الطراز، مراجعة عبد السلام شاهين، دار الكتب العلمية، بيروت، 1995.
11-
السكاكي (أبو يعقوب):
مفتاح العلوم، ضبطه نعيم زرزور، دار الكتب العلمية، بيروت 1983.
مفتاح العلوم، ضبطه نعيم زرزور، دار الكتب العلمية، بيروت 1983.
[1]
- سورة هود الآية : 44.
[2]
- الرسالة الجودية، ص: 115.
[3]-
القرطبي، الجامع لأحكام القرآن: 9/40. والرسالة الجودية، ص: 126.
[4]-
مقدمة تفسير ابن النقيب، ص: 398. والبحر المحيط: 5/228.
[5]-
البحر المحيط: 5/228.
[6]-
الكشاف: 2/283
[7]-
الكشاف: 2/382
[8]-
الرازي: 17/334
[9]-
الطراز، ص: 506
[10]-
القرطبي: 9/41.
[11]-
كفاية الألمعي: ص، 166.
[12]-
الرازي: 17/334
[13]-
الكشاف: 2/382.
[14]-
أبو حيان: 5/228.
[15]-
كفاية الألمعي: ص، 106
[16]-
نفسه: ص، 106
[17]-
التفسير الكبير: 17/334.
[18]-
التفسير الكبير:: 17/334
[19]-
يحيى بن حمزة العلوي: ص، 507.
[20]-
نفسه : ص، 507 . ينظر أيضا: التحرير والتنوير: الطاهر بن عاشور، الدار التونسية
للنشر: 10/78.
[21]-
الطراز: ص: 510.
[22]
- الطراز: ص: 511.
[24]
- الجامع لأحكام القرآن: 9/40
[26]
- نفسه، ص 45
[27]
- نفسه، ص 43
[28]
- نفسه، ص: 43
[29]
- نفسه، ص 44
[30]
- عبد القاهر الجرجاني ص، 45
[31]-
نفسه، ص:43
[32]
- مفتاح العلوم، ص: 417
[33]-
نفسه ، ص: 416
[35]
- مفتاح العلوم ، ص:421
[36]-
نفسه، ص: 415
[37]
- نفسه، ص: 416
[38]-
نفسه، ص: 417
[39]-
نفسه، ص: 418
[40]-
نفسه، ص: 418
[43]-
نفسه ، ص : 419
[44]- مفتاح العلوم ص: 419.
[45]-
نفسه، ص: 420
[46]
- تحرير التحبير، ص: 613.
[47] - تحرير التحبير ، ص: 425. وينظر أيضا: مقدمة
تفسير ابن النقيب، ص: 397.
[48]-
نفسه، ص: 611.
[49]-
نفسه، ص: 611
[51]
- مفتاح العلوم، ص: 419 / 420
[52]
- البحر المحيط، 5/228.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire